لوموند الفرنسية: قضية الصحراء الغربية وراء عرقلة المصالحة بين الجزائر ومدريد

خميس, 15/02/2024 - 11:38

“القدس العربي”الاعلامي: تحت عنوان: “بين الجزائر ومدريد تعثّر “المصالحة” بشأن مسألة الصحراء الغربية”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن الزيارة التي كان مقرراً أن يقوم بها، يوم الإثنين الماضي، وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إلى الجزائر، وأُلغيت في اللحظة الأخيرة، كان من المفترض أن تؤكد تحسّن العلاقات بين الجزائر ومدريد. وهو تحوّل قرّره الوزير الإسباني نفسه،  رسمياً، بسبب “مشاكل في الأجندة ” من الجانب الجزائري.

 “لوموند” نقلت عن عدة مصادر في الجزائر العاصمة تأكيدها أن مدريد لم تقبل الخروج عن الممارسة المعمول بها في الجزائر، والتي تقضي بأن يستقبل رئيس الجمهورية وزراء الخارجية الذين يزورون الجزائر العاصمة.

لوموند: مدريد لم تقبل الخروج عن الممارسة المعمول بها في الجزائر، والتي تقضي بأن يستقبل رئيس الجمهورية وزراء الخارجية الذين يزورون الجزائر العاصمة

وبحسب صحيفة ”لوسوار دالجيري”، نقلاً عن مصدر جزائري “مطّلع”، فقد أبدت السلطات الجزائرية تحفّظات جدية بشأن “المواقف الغامضة” لخوسيه مانويل ألباريس بشأن القضية الصحراوية، “على عكس رئيس حكومته بيدرو سانشيز، والذي تطورت مواقفه  بشكل واضح بشأن هذه القضية”، تُشير الصحيفة .

الحد الأدنى من التطبيع مع إسبانيا

واعتبرت “لوموند” أنه من خلال رفض استقبال وزير الخارجية الإسباني، يبدو أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يريد التمسّك بالتطبيع بالحد الأدنى مع إسبانيا. وكان هذا الأخير (تبّون) قد وجّهَ، في شهر يونيو عام 2022، تصريحات قاسية ضد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الذي أحدث تغييراً جذرياً في موقف مدريد بشأن نزاع الصحراء الغربية، من خلال وصفه، في 18 من شهر مارس عام 2022، للخطة المغربية للحكم الذاتي، بأنها ”الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل هذا النزاع” في الصحراء الغربية، تُذكِّرُ الصحيفة الفرنسية.

وهو ما يعدّ تحولاً خطيراً بالنسبة للسلطات الجزائرية، التي لم يتم إخطارها به، وعرفت به وقت  الإعلان عنه في بلاغ صحافي صادر عن القصر الملكي بالرباط.

وقال الرئيس تبون: “لدينا علاقات قوية للغاية مع الدولة الإسبانية، لكن رئيس الحكومة كسر كل شيء”، مستنكراً التحوّل “غير المقبول أخلاقياً وتاريخياً” من إسبانيا.

لتبدأ بعد ذلك الجزائر الإجراءات الانتقامية ضد مدريد- تُشير “لوموند”- من خلال استدعاء سفيرها لدى مدريد، وتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا وتجميد التجارة باستثناء المحروقات.

 

 واستمرت الأزمة تسعة عشر شهرًا، وكانت لها عواقب اقتصادية كبيرة على الشركات الإسبانية، توضّح “لوموند”.

 

وفي شهر نوفمبر الماضي، تم تعيين سفير جديد في مدريد، ما اعتُبر بداية العودة إلى الوضع الطبيعي. وبدا ليّ الأذرع غير مجدٍ، حيث تمكّنَ بيدرو سانشيز من البقاء في السلطة بعد الانتخابات التشريعية، في يوليو 2023، في ظل فشل اليمين الإسباني من جمع الأغلبية البرلمانية.

دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي

ولتبرير هذا التغيير في الموقف تجاه إسبانيا، بعد تسعة عشر شهراً من المواجهة- تتابع “لوموند”- سلّطت السلطات الجزائرية الضوء على التعليقات الدقيقة للغاية التي أدلى بها بيدرو سانشيز بشأن مسألة الصحراء الغربية في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وانخرطت وسائل الإعلام الجزائرية في تفسير الخطاب، مشيرةً إلى أن الزعيم الإسباني دعا إلى حلّ النزاع في الصحراء الغربية في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي “دون الإشارة السابقة التي تتماشى مع مخطط الحكم الذاتي المغربي.”

وهذه القراءة نفسها كانت عند وزير  الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الذي اعتبر، في مقابلة مع قناة “الجزيرة”، في شهر ديسمبر الماضي، أن إسبانيا غيّرت موقفها “180 درجة”. وأضاف القول إن “ما أعطى الضوء الأخضر لإعادة تقييم علاقات بلاده مع إسبانيا هو الخطاب الذي ألقاه بيدرو سانشيز في الجمعية العامة للأمم المتحدة وغير موقفه”.

لوموند: بدا ليّ الأذرع غير مجدٍ، حيث تمكّنَ سانشيز من البقاء في السلطة بعد الانتخابات التشريعية، في ظل فشل اليمين الإسباني من جمع الأغلبية البرلمانية

وقد ترك هذا التأكيد المراقبين موضع شك، حيث لم ينكر بيدرو سانشيز، ولا وزير خارجيته، الرسالة المرسلة إلى الملك محمد السادس لدعم خطة الحكم الذاتي المغربية، توضّح “لوموند”، مضيفةً القول إنه من الواضح أن الرئيس عبد المجيد تبون والمؤسسة العسكرية، بلا شك، أقل اقتناعاً بالتغيير ”180 درجة” في الموقف الإسباني.

ويقول الموقع  الإلكتروني الجزائري TSA إنه “يبدو أنه على الرغم من ذوبان الجليد، فإنه ما تزال هناك خلافات دون حلّ بين مدريد والجزائر العاصمة”.

فالصحراء الغربية هي المحور المركزي للسياسة الخارجية الجزائرية، تقول “لوموند”، مشيرة إلى أن هذه القضية تفاقم العلاقات بين الجزائر والمغرب، التي طبعتْها حالةٌ من عدم الثقة منذ “حرب الرمال” عام 1963.

وفي عام 1994، قررت الجزائر، رداً على فرض المغرب تأشيرات على الجزائريين، في أعقاب هجوم في مراكش، إغلاق حدودها البرية مع المغرب، قبل أن تقرر، في ديسمبر عام 2021، قطع العلاقات الدبلوماسية معه