السفيرة الأمريكية تؤكد توافق بلادها مع الجزائر حول حل الدولتين في فلسطين واختلافهما حول طريقة تحقيق ذلك

جمعة, 09/02/2024 - 20:33

قالت السفيرة الأمريكية في الجزائر، إليزابيث مور أوبين، إن الولايات المتحدة والجزائر تدعمان بشكل كامل حل الدولتين في فلسطين، مع الاعتراف بوجود خلافات حول طريقة الوصول إلى ذلك. يأتي هذا في وقت تواجه سياسة الولايات المتحدة هجوما لاذعا من أحزاب سياسية جزائرية تعتبر أن واشنطن شريكة في العدوان على غزة.

وذكرت أوبين في حوار لها مع جريدتي “الوطن” و”الخبر”، أنه فيما يتعلق بالوضع مع فلسطين، فإن “كلاً من الولايات المتحدة والجزائر تدعمان بشكل كامل هدف حل الدولتين، ونحن نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الإنساني في غزة، وكلانا نعمل بجد لتوصيل المساعدات للفلسطينيين هناك”.

السفيرة الأمريكية: الولايات المتحدة والجزائر تدعمان بشكل كامل حل الدولتين في فلسطين، مع وجود خلافات حول طريقة الوصول إلى ذلك

بالمقابل، أبرزت أن البلدين لديهما وجهات نظر مختلفة حول كيفية تحقيق تلك الأهداف، و”لكننا قادرون على مناقشة تلك الأمور بعبارات محترمة وودية للغاية” بحسب قولها، مضيفة: “نحن قادرون على التحدث عن المجالات التي نتفق عليها، وسنعمل بجد ونستمر في التعاون الوثيق لتحقيق هذه الأهداف”.

وبدا كلام السفيرة غارقا في العموميات ومتجنبا للخوض في المسائل الأكثر إحراجا حول السياسة الأمريكية المتماهية بالمطلق مع إسرائيل، وهي قضية تثير سخطا كبيرا في الجزائر.

وكان خلاف علني قد برز قبل أيام بين الجزائر والولايات المتحدة، بعد أن وزّعت الجزائر على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، والذي ينص على رفض التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين، ويطالب بوقف جميع الانتهاكات، كما يجدد الدعوة لوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن دون عوائق إلى القطاع. وأثار ذلك انتقاد سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، التي قالت إنه قد يعرض للخطر “مفاوضات حساسة” تستهدف التوسط في وقف القتال بغزة.

وتدعم الجزائر حل الدولتين على أساس المبادرة العربية للسلام سنة 2002، أي بانسحاب كامل من الأراضي المحتلة سنة 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية على هذه الأراضي وعاصمتها القدس، مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

ويثير حل الدولتين بالمفهوم الأمريكي تحفظات لدى سياسيين جزائريين، خاصة أن طرحه يتزامن مع مخططات إنهاء الحرب في غزة. وكتب الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، تحليلا حذّر فيه من أن معطيات كثيرة تؤشر إلى أن الولايات المتحدة تسعى لتحويل نتائج طوفان الأقصى لصالح المشروع الصهيوني الأمريكي، وذلك برسم شرق أوسط جديد يقوم على ركائز بينها حلّ الدولتين.

 

وفي اعتقاد مقري، فإن هذا الحل الذي كان قد تخلى عنه العالم بأسره، وتخلت عنه الدول العربية بتوجهها للتطبيع دون قاعدة انسحاب الكيان من كل أراضي 67 (القدس، غزة، الضفة، الجولان)، وهو الحل الذي ألغاه كل الساسة في إسرائيل قبل طوفان الأقصى، ودمره الكيان بتوسيع المستوطنات في الضفة والقدس وتهويد القدس، ولكن هذا الحل رجع بقوة وتبناه العالم بأسره من جديد وجزء من ساسة الكيان. غير أن حل الدولتين في صورته الجديدة، وفق هذا السياسي، غير الحل الذي اشترطه الإجماع العربي، والمتوقع أن الصورة الجديدة ستكون في صالح إسرائيل من خلال مساحة جغرافية أقل، ودون حق العودة، ودولة فلسطينية منزوعة السلاح، وتقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى.

 

واجهت السفيرة الأمريكية في الجزائر منذ بدء الحرب على غزة، نوعا من الغلق بفعل الاستنكار الذي قوبل به موقف بلادها

 

وواجهت السفيرة مور أوبين، منذ بدء الحرب على غزة، نوعا من الغلق بفعل الاستنكار الذي قوبل به موقف بلادها، بعد أن كانت تتحرك على نطاق واسع في السابق وتحظى بتغطية إعلامية كبيرة، وتحولت لقاءاتها مع السياسيين إلى مناسبة لإبلاغها الغضب الجزائري من مشاركة بلادها بشكل مباشر في العدوان.

وكان آخر ظهور لها، مع السياسية اليسارية لويزة حنون، حيث كانت أوبين تبحث عن إجابات حول الوضع الداخلي في الجزائر والانتخابات الرئاسية، لكن اللقاء تحول حسب بيان حزب العمال، إلى مساحة للدفاع عن الشعب الفلسطيني وانتقاد الغطرسة الأمريكية.

وقال الحزب إن زعيمته لويزة حنون، حمّلت مسؤولية حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني، للحكومة الأمريكية، حيث ذكّرت أنّ الإدارة الأمريكية وبريطانيا هما من قرّرا بتواطؤ من جوزيف ستالين، إنشاء الكيان الصهيوني عام 1947 في إطار الأمم المتحدة على أنقاض الدولة الفلسطينية التي تم تدميرها وتجزئتها وتشريد شعبها. وأشارت إلى أن معاناة الشعب الفلسطيني عمرها 75 سنة من سياسة الاضطهاد الوحشي غير المنقطعة والتي لا تطاق، يمارسها الكيان الصهيوني، وعليه، فالصراع لم يبدأ يوم 7 أكتوبر.

وأوضحت أن هذه الحرب المسعورة باتت تشكّل خطرا على البشرية جمعاء، حيث تهدّد السلام في العالم، في حين تتزايد الحروب المفبركة من قبل الحكومة الأمريكية وحلفائها، في مختلف القارات منها الحرب في أوكرانيا بإسقاطاتها الوخيمة على كل الشعوب اقتصاديا واجتماعيا.

وسبق للسفيرة مور أوبين أن تعرضت للانتقاد اللاذع من قبل رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب المشكّلة للبرلمان، حيث أبلغوها احتجاجهم على موقف بلادها المشارك في العدوان على غزة، وبيّنوا لها أن “حماس وفصائل المقاومة ليسوا إرهابيين”.

تعرضت السفيرة الأمريكية للانتقاد اللاذع من قبل رؤساء المجموعات في البرلمان الجزائري، حيث أبلغوها احتجاجهم على موقف بلادها  المشارك في العدوان على غزة

واعترفت السفيرة الأمريكية في تغريدة لها على موقع إكس، بأن المحادثات كانت معقدة مع البرلمانيين الجزائريين. وقالت: “أجريت اليوم مع أعضاء البرلمان الجزائري محادثة بنّاءة بشأن الوضع في غزة. ناقشنا المجالات التي تلتقي فيها وجهات نظرنا، وكذلك وجهات نظرنا المختلفة. تعتبر المحادثات المعقدة، التي تتم بحسن نية، ذات أهمية قصوى”.

ومع الأسابيع الأولى للعدوان الإسرائيلي، وجّه 15 حزبا سياسيا مذكرة للسفيرة الأمريكية احتجاجا على موقف بلادها المنحاز للاحتلال في حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني.

وأعابت الأحزاب المنضوية في إطار الهيئة الداعمة والمناصرة لفلسطين، الصمتَ الأمريكي عما يرتكبه الاحتلال من تدمير وإبادة وتهجير وهو “ما نعتبره تنصلا وتنكرا للمبادئ التي تقوم عليها الشرعية الدولية والعيش المشترك والسلام بين الشعوب”. واعتبرت أنه ذات الموقف “الذي من شأنه أن يعطي الغطاء لسلطة الاحتلال لمواصلة عدوانها الهمجي ضد الشعب الفلسطيني، والذي من شأنه أن يؤدي إلى حرب إقليمية تهدد أمن واستقرار المنطقة