قد تتفاجأ في معرفة من هو اغنى رجل في العالم على الاطلاق حكم اجزاء من بلادنا "موريتانيا".. ليس أحدا من أثرياء العصر الحديث كلهم المعروفين ولا من أفراد آل روتشلد وليس بيل غيتس ولا كارلوس سليم ولا بيل غيتس أو وارين بافيت أو جيف بيزوس أو ستيف جوبز أو كارلوس سليم، أو غيرهم من أثرياء هذا الزمان.
فلقب الأغنى في التاريخ البشري فقط حصل عليه إمبراطور افريقي حكم اجزاء من دولتنا المعاصرة بل كلها موريتانيا في القرن الرابع عشر..قد يبدو الخبر مثيرا للاستغراب، وربما خياليا بالنسبة إلى البعض، إذ ليس من السهل تصديق أن حاكما من جمهورية مالي البلد الإفريقي المعروف، اليوم، بشدة فقره وتخلف أنماط الحياة فيه، كان أغنى رجل في تاريخ البشرية كله..أنه سيد "الذهب والملح" الإمبراطور المسلم إنه الحاج "مانسا موسى" الذي ولد عام 1280م في مالي الحالية باسم، موسى كيتا، وتولى عرش مملكة مالينكي عام م1312 ليصبح، مانسا موسى، أي الملك موسى وذلك بعد وفاة والده أبو بكر الثاني، وكانت هذه المملكة قائمة على نهر النيجر في مالي بغرب إفريقيا.
وامتد حكم ملك، مانسا موسى، عبر مساحات شاسعة من الأراضي ضمت موريتانيا والسنغال وغامبيا وغينيا وبوركينافاسو ومالي والنيجر وتشاد ونيجيريا.
فمن هو إذن هذا الامبراطور الذي وهب له الله ملكا وملكه البلاد والعباد:
إنه: حاجي كانجا مانسا موسى أعظم زعماء امبراطورية مالي، ومن أشهر زعماء أفريقيا والإسلام في القرون الوسطى. خلف السلطان أبو بكر الثاني عام 1312م. كان عالما ورعا إلى جانب حنكته السياسية. في عهده ازدهرت جامعة سانكوري كمركز للعلم في أفريقيا. وسع دولته لتضم مناجم الذهب في غينيا بالجنوب.
الميلاد: مملكة مالي
البيت: Keita dynasty
الوالدان: Faga Laye
الأولاد: Maghan I
الأشقاء: سليمان
ابن الأخ/الأخت: Kassa
كيف قدر ملكه؟:
بحسب قائمة «أغنى 25 شخصا عبر التاريخ»، التي أعدها ونشرها موقع «Celebrity Net Worth website» بناء على معلومات تاريخية واقتصادية، وبحساب التضخم الزمني، يعتبر الملك المسلم مانسا موسى الأول، ملك إمبراطورية مالي التي كانت تشمل حينها غانا، خلال القرن الثالث عشر، أغنى أغنياء البشرية على مر العصور، إذ بلغت ثروته ما يعادل 400 مليار دولار أمريكي بعملة اليوم.
تقدم الملك "مانسا موسى" بذلك على عائلة روتشيلد اليهودية، التي برز ثراؤها منذ القرن الثامن عشر من خلال العمل في المجال المصرفي، والتي قيمت ثروتها بحسب القائمة ب350 مليار دولار، موزعة على أفراد العائلة في مختلف أنحاء العالم.
لكن ما أسباب هذا الثراء الفاحش لملك إفريقي؟
إنه الذهب بشكل خاص، إذ كان يمتلك أطنانا خرافية منه مثلما تنقل الروايات التاريخية، إلى جانب سيطرته أيضا على تجارة الملح المربحة حينها، بسبب توفر الملح بكثرة في مملكته، الملح الذي كان بقيمة تقارن قيمة الذهب حينها، وتقول بعض المصادر التاريخية إن مملكة منسى موسى الأول كانت تنتج أثناء حكمه نصف الذهب والملح المنتج في العالم.
وإذا كان موقع «Celebrity Net Worth website» فاجأ كثيرين بإبراز الملك مانسا موسى الأول، فإن الرجل ليس مجهولا، بل إن كثيرا من المؤرخين والرحالة العرب ذكروه في كتبهم، ومن بينهم ابن خلدون، وابن بطوطة، والعمري.
فقد كان حاجي كانجا مانسا موسى بحسب المصادر من أعظم زعماء إمبراطورية مالي، ومن أشهر زعماء أفريقيا والإسلام في القرون الوسطى، وتنقل المراجع التاريخية أنه كان عالما ورعا إلى جانب حنكته السياسية. ويعتبر هذا الملك محبوبا جدا لدى شعبه إلى اليوم، إذ يتحدث الناس عنه، وخصوصا رواة القصص الشعبية، الذين ما أن تجلس معهم حتى يبدؤون في سرد تاريخ هذا الرجل ومدينته.
تمبكتو.. عاصمة المال والعلم
ازدهرت مدينة «تمبكتو» اقتصاديا وثقافيا في عهده، وغدت في عهده محط القوافل التجارية عبر الصحراء في شمال مالي، كما تطورت كذلك مدينة «غاو».
حظي مانسا موسى باهتمام عالمي وبصيت واسع، عندما قام بأداء فريضة الحج في عامي 1324م و1325م، وتلك كانت سنوات عامرة بالإنجازات والازدهار، غدت فيها مملكة مالي مركزا حضاريا وتجاريا مهما. كانت رحلة ذلك الملك إلى حج بيت الله بحسب رواية أدو بوهين (بروفيسور التاريخ الغاني) في كتابه «تاريخ غرب أفريقيا» حدثاً فريداً تناقلته الألسن. فبحسب رواية المؤرخ الإسلامي العمري، فإن مانسا موسى بدأ رحلة حجه من مالي في قافلة مكونة من مائة بعير، تنوء بحملها من الذهب الخالص، وكانت ترافقه حاشية كبيرة من الخدم والحشم تقوم على خدمته وتسهر على راحته وتلبي طلباته. تقدمت قافلة مانسا قافلة من الرقيق بلغ تعدادها خمسمائة عبد، يحمل كل منهم عصا من الذهب الخالص يبلغ وزنها أربعة أرطال، ورافقه من تابعيه ما لا يقل عن ستين ألف رجل يسهر على خدمتهم اثنا عشر ألفا من الخدم. أينما حل مانسا موسى كان يعطي هدايا من الذهب للفقراء والمحتاجين على سبيل الصدقة أو الزكاة (التي هي إحدى أركان الإسلام).
أنفق مانسا كل ما حمله من ذهب في رحلة حجه تلك، واضطر للاستدانة (بمعدل فائدة مرتفع جدا) ليتمكن من العودة إلى بلاده وعند عودته أحضر معه عددًا من العلماء، بينهم مهندس معماري أسهم في بناء مسجدي «جاو» و«تمبكتو» القائمين إلى يومنا هذا. وجاء معه أيضا بعض الطلبة والمهندسين المعماريين ليحولوا بلده إلى مساجد ومدارس ومكتبات.
شيد مانسا قصورا فخمة في «تامبكتو» و«جاو»، وبنى مساجد كبيرة في مناطق واسعة من غرب السودان (المقصود طبعا هو غرب أفريقيا).
وبينما لم تكن هنالك أي جامعة في أوروبا في تلك السنوات، فقد أسس المانسا موسى «سانكور مادراش» (أي جامعة سانكور)، وأتى لها بجمهرة من العلماء، وأقام الصالة الضخمة المشهورة في «نياني» قرب ديوانه الملكي، والذي وصفه أحد المؤرخين العرب بأنه «نصب جدير بالإعجاب». كتب المعماري والفنان والمؤرخ الإيطالي المشهور سيرجيو ودمين بأن مملكة مالي كانت بها – في أيام مجدها- نحو 400 مدينة.
الفقر وسر الكتب
يلخص البروفيسور الغاني أدو بوهين أهم إنجازات مانسا موسى في أنها تتمثل في حكمه الطويل الذي تميز بشيوع الأمن والسلام في ربوع مالي، وفي تنمية وترقية التجارة والاقتصاد والتعليم، وفوق كل هذا وذاك في جعل اسم «مالي» معروفا في كافة أرجاء المعمورة.
قام رسام خرائط إسباني بوضع صورة للمانسا موسى على خريطة رسمها، وعلى رأسه تاج ذهبي، وهو جالس على عرشه الملكي يحدق في كتلة ذهبية في يمناه، ويحمل في يسراه صولجانا ذهبيا.
توفي المناسا موسى في عام 1337م، وخلفه ولده في حكم مملكة مالي ولم يحسن ورثة مانسا إدارة ثروته، وأنفقوا جزءا كبيرا منها في الحروب الأهلية والجيوش الغازية، وفقا لما ذكره موقع «الإندبندنت» البريطاني.
وللمفارقة، تعتبر مالي الآن من أفقر البلاد الأفريقية، ولكنها تحتوي على كنز ثمين يحاول العلماء العثور عليه، وهو الكتب التي جاء بها "مانسا موسى" واحتفظ ببعضها أهالي مالي إلى الآن في أغلفة من الجلد، أو في الكهوف وفي صناديق تحت الأرض.