مراكز متأخرة احتلتها الدول المغاربية ضمن تقرير جديد للحرية الاقتصادية، أصدره المعهد الكندي "فريزر"، إذ لم يصنف أي بلد مغاربي في الرتب 100 الأولى في التقرير الذي شمل 162 دولة.
واحتل المغرب ضمن هذا التقرير المركز 115 عالميا، مسجلا 6.36 نقطة من مجموع 10 نقاط، متبوعا بتونس التي جاءت في المركز 121، في حين حلت موريتانيا في المركز 136، ثم الجزائر في الرتبة 159، في حين جاءت ليبيا في المركز الأخير مغاربيا باحتلالها للرتبة 161 عالميا.
ويقوم مؤشر الحرية الاقتصادية على عدد من المؤشرات أبرزها الأنظمة القانونية وحقوق الملكية والتجارة الحرة واستقطاب الاستثمارات وسهولة الولوج للسوق.
وسبق أن نشرت مؤسسة "Heritage" الأميركية تقريرا آخر، في فبراير الماضي، أدرج المغرب في خانة الاقتصادات "الحرة بشكل جزئي"، إلى جانب 60 بلدا آخر، بعدما حل في المركز 86 عالميا، فيما حلت تونس ثانية على الصعيد المغاربي، وجاءت في الرتبة 99 عالميا، ما جعلها تكون في خانة البلدان "غير الحرة عموما"، إلى جانب موريتانيا التي حلت في المركز 134.
وصُنفت الجزائر، ضمن التقرير المذكور، في خانة البلدان "غير الحرة على الإطلاق" على الصعيد الاقتصادي، بعدما جاءت في الرتبة 172 عالميا، في حين شمل هذا التقرير 180 بلدا عبر العالم.
فقير: 3 عوامل وراء التصنيف
يتحدث الخبير الاقتصادي، المهدي فقير، عن أسباب تأخر الدول المغاربية في مؤشرات الحرية الاقتصادية عبر العالم، مُرجعا الأمر إلى ثلاثة عوامل رئيسية.
أولى هذه الأسباب وفق فقير، يرتبط بما وصفه بـ"العامل السيادي الاقتصادي"، إذ يشير إلى أن لكل بلد واقع اقتصادي مختلف عن الآخر.
"في ليبيا والجزائر وموريتانيا تركيبة اقتصادية تعيق الحرية الاقتصادية، خصوصا ما يتعلق بالقوانين الصعبة، والجزائر عرفت هذا الإشكال بعد التراجع عن السماح بدخول الرأسمال الأجنبي والاستثمارات"، يردف فقير.
ويضيف فقير، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن ليبيا تعرف وضعا معقدا وخرجت من نظام لم يكن واضحا، كما أنها لم تعرف الاستقرار، كما يؤثر الوضع السياسي في تونس على الجانب الاقتصادي.
ويعزو المحلل الاقتصادي سبب تصدر المغرب للتصنيف المغاربي في الحرية الاقتصادية، رغم التقهقر عالميا، إلى وجود "منظومة تشريعية جد متطورة".
غير أن المتحدث يستدرك موضحا أن هناك إشكالات في المغرب مثل "الضغط الضريبي، وتعقد المساطر الإدارية وصعوبة الولوج للوعاء العقاري، ومحدودية الولوج لعدد من الامتيازات الاستثمارية كاتفاقيات الشراكة".
ويزيد فقير مشكلا آخر في المغرب يتمثل وفقه في "ميثاق الاستثمار الذي يطبق فقط على المشاريع التي يتجاوز رأسمالها 200 مليون درهم (أزيد من 20 مليون دولار)، وهذا رقم صعب".
وإلى جانب السبب الأول وراء التصنيف المغاربي والذي يسميه بـ"العامل السيادي الاقتصادي"، يضيف فقير سببا ثانيا يرتبط بالمسائل المسطرية والبيروقراطية، وصعوبة الولوج لبعض الامتيازات الاقتصادية، ما يؤثر على جذب الاستثمارات.
أما العامل الثالث وراء ضعف الحرية الاقتصادية فيتثمل، وفق المهدي فقير، في ضعف البنية الاقتصادية في عدد من دول المنطقة، مشيرا إلى أن "هذا الضعف يبرز بشكل أكبر في موريتانيا والجزائر، ما يجعل هذه البنى الاقتصادية تكون معيقا أمام تطوير الاقتصاد".
سراي: السبب هو البيروقراطية
الخبير الاقتصادي والمستشار الأسبق في رئاسة الجمهورية الجزائرية، عبد المالك سراي، يعتقد هو الآخر أن المراكز التي احتلتها الدول المغاربية في مؤشر الحرية الاقتصادية تعود إلى كونها تعاني منذ الاستقلال من عدم قدرتها على فتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية.
ويقول سراي، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، إن "الدول المغاربية لا تزال تعاني من بيروقراطية معقدة على عكس عدد من الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا".
ويشدد المحلل الاقتصادي الجزائري على أنه رغم توفر الدول المغاربية على قاعدة اقتصادية وصفها بـ"المحترمة"، إلا أنها لم تتمكن من استغلالها والاستفادة منها، وفق تعبيره.
ويضيف المتحدث ذاته أن "الدول المغاربية متخوفة من أن تكون هناك حرية اقتصادية كاملة، رغم أن المغرب متقدم في مجال الانفتاح الاقتصادي بالمقارنة مع الجزائر وتونس".
ويدعو سراي إلى تطوير القطاع الخاص وإصلاح منظومة القطاع الخاص، لكي تتمكن الدول المغاربية من جذب الاستثمارات الأجنبية.
المصدر: أصوات مغاربية