إذاعة كوبني: من صدى التزوير إلى أثير التحرير.. أم صوت للجماهير؟/ ​بقلم: يحياوي محمد الأمين ولد يحيى

سبت, 20/12/2025 - 11:05

​مثلما ننتقد الفساد في هرم الدولة، فإن من حقنا أيضاً أن ننتقده داخل السلطة الرابعة؛ وليبقى هذا النص شاهداً على واقع إعلامي عانينا فيه من استغلال الكفاءات، وقد كُتب بمرارة بعد فصلي التعسفي من إذاعة "كوبني" رغم كوني اللبنة الأولى في تأسيسها.

​شهدت الساحة الإعلامية منذ فترة ميلاد العديد من القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية، ضمن تحرير الفضاء الإعلامي الحر والسمعي البصري الذي أعلنت عنه "السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية" (الهابا).

​وخلال هذه الفترة الوجيزة قرعت آذاننا العديد من الإذاعات الخصوصية التي بقيت عالقة بالأسماع دون أن تأتي بالجديد، بل أعادت إلينا فرضية "بضاعتنا ردت إلينا" من خلال طبيعة البرامج التي تقدمها بالاقتباس من بعضها البعض أو من خلال تعاطيها مع صحفيين أو إعلاميين عرفناهم عبر أثير "الإذاعة الرسمية".

​وعندما تدير زر البحث عن التقاط بعض هذه المحطات يتبادر إليك أنك على أثير محطة إذاعة موريتانيا وذلك لاستماعك إلى نفس الأصوات التي تعودنا عليها، سواء في البرامج الفلكلورية المعروفة أو في هندسة الصوت التي تعودنا عليها لدى الإذاعة العتيقة.

​ومن هذه الإذاعات نقدم لكم اسم مقاطعة "كوبني" التي تعودنا عليها في "زمن تزوير الانتخابات" في عهد نظام ولد الطايع، حيث اشتهرت بأكبر عملية تزوير شهدها البلد بنتيجة فاقت المستحيل. ومن هذه الخصوصية حصلت المحطة على الترخيص بتاريخ 20 نوفمبر 2011.

​وتبث إذاعة كوبني اليوم على التردد (94.2FM)، وتدعي تقديم المعلومة في حلة جديدة، لكنها تعاني من انعدام الكادر المهني وانعدام الخبرة لدى طاقمها، حيث لا يوجد فيها صحفي واحد متخصص، بل تعتمد على متدربين برواتب زهيدة يتم استبدالهم باستمرار.

​وترتكز طبيعة العمل لديها على المجال التجاري البحت، كما عمدت على إلغاء النشرة باللغة العربية لعدم اقتنائها لصحفيين أكفاء، مما جعلها تبتعد عن إجراء التحقيقات الميدانية وتكتفي بكونها "إذاعة برمجية" للبرامج الميتة.

​وتبقى انطلاقة هذه الإذاعة لها دور في توثيق التراث الحساني، وإن كانت تعاني من العجز عن رفع تحديات التطور التكنولوجي، ليتساءل المواطن: هل هذه الإذاعة منبر من صدى تزوير تلك الانتخابات، أم أنها صوت حقيقي للجماهير؟

يحي: بين الذاكرة المهنية وواجب كشف المستور، نعيد نشر هذا المقال من أرشيف سنة 2011؛ ليس بوصفه نقداً عابراً، بل كشهادة حية على مرحلة تأسيس الإعلام الخصوصي في موريتانيا، وفضحاً لآليات الإقصاء والتعسف التي واجهت الكفاءات الإعلامية منذ اللحظات الأولى.

الإعلامي