
في سابقة فريدة، ينجح الشاعر والإعلامي الشاب محمد الأمين يحياوي في تقديم معارضة تامة لقصيدة "املإ القدح" للبارودي، ملتزماً ببحرها الصعب (مجزوء المتدارك) وقافيتها المجزومة. فبينما قال البارودي داعياً للمجون.:
اِملَإِ الْقَدَحْ... واعْصِ مَنْ نَصَحْ
واروِ غُلَّتِي... بِابْنَةِ الْفَرَحْ
جاء يحياوي مطهّراً ومُوجهاً لنفس الوزن والروي:
انْثُري الفَرَحْ... واسْكُبِي التَّرَحْ
اِفْسَحِي الْمَجْلِسَ... فَالْقَرِيضُ فَسَحْ
وتأكيدًا على أن القصيدة "ابنة عصرها"، ربط الشاعر نصه بالواقع المعاصر، فجعل موضوعات كالجهاد، والقضية الفلسطينية (غزة ورفح)، والدعوة، هي المحور الرئيسي، محولاً التراث الشعري إلى أداة لخدمة قضايا الأمة الراهنة. ليحقق بذلك معارضة مضادة هي الأكثر التزاماً وتجديداً بين معارضات كبار الشعراء الذين سبقوه..
درة المصطفى
انْثُري الفَرَحْ واسْكُبِي التَّرَحْ
اِفْسَحِي الْمَجْلِسَ فَالْقَرِيضُ فَسَحْ
ثُمَّ زَغْرِدي يا ابْنَةَ الفَرَحْ
نالَ مِنِّي الجَوَى وَالغَرامُ فَضَحْ
إِنْ نَئى فَدَنَا وَفُؤَادِي انْشَرَحْ
هَاجِرِي إِنْ بَدَا مِثْلَ قَوْسِ قُزَحْ
مَازَحَتْنِي صَبًا وَشُعُورِي مَزحْ
بِعُيُونٍ تَرَى خَلْفَ طَيْفٍ نَزَحْ
خَجَلاً حَدَّثَتْ الْإِزَارُ انْشَلَحْ
قُلْتُ سَيِّدَتِي نَاظِرِي قَدْ كَشَحْ
اِنْجَلَى الدُّجَى فالتَّجَلِّي سَنَحْ
وَيْكِ لَا تَجْزَعِي فَالضُّحَى قَدْ وَضَحْ
فَدَعِي الْعَبَثَ يَا فَتَى وَالْمَرَحْ
طَفَحٌ فَاتَنِي وَالشَّبَابُ طَفَحْ
وَهَجَرْتُ الَّذِي قَوْلُهُ قَدْ قَبُحْ
وَكَظَمْتُ الْغَيْظَ لِلْغَبِيِّ الْبَلِحْ
هَذِهِ دُرَّتِي مِنْ كَفِيفٍ صَدَحْ
وِرْدُ قَافِيَتِي عِطْرُهَا قَدْ نَفَحْ
جالَ في خاطِري بِالرُّؤَى وَلَمَحْ
يَا إِلَهِي ارْفَعْ حَرَجًا مِنْ جُرِحْ
فَأَزِحْ غَمَّتِي يَا إِلَهِي أَزِحْ
فَارِجَ الْهَمَّ عَنْ سَائِلٍ قَدْ صَلَحْ
نَهْجَتِي شِرْعَتِي بِمِيزَانٍ نَقِحْ
إِنْ كَوَتْ مُقْلَتِي ثُمَّ جَفْنِي انْقَرَحْ
إِنَّ لِي طَلَبٌ فِي الْجِهَادِ مُلِحْ
فَإِلَى الْأَقْصَى فَرَسِي قَدْ ضَبَحْ
عُدَّتِي بِيَدِي وَالسِّلَاحُ نَصَحْ
قَرِّبَا لُجُمِي فَالْخُيُولُ جُمَحْ
جند معركة للجهاد نجح
و سليمان قد ساسها ومسح
فَالْكَيَانُ طَغَى وَبَغَى وَسَفَح
كُلَّمَا عُقِدَتْ صَفْقَةً مَا جَنَحْ
نَبَذُوا عَهْدَهُمْ بِفَرِيقٍ وَقِحْ
وَعْدُ رَبِّي لَنَا حَانَ وَلَنْ نَبْرَحْ
مُهْجَتِي غَزَّتِي نَازِحٌ مِنْ رَفَحْ
خِطَّةٌ أُبْرِمَتْ نَسْجُهَا قَدْ فُضِحْ
بِجِوَارِ النَّبِيِّ فَازَ مَن مَدَحْ
الْأَمِينُ الَّذِي ذِكْرُهُ قَدْ رَشَحْ
لَيِّنٌ خُلُقُهُ وَجْهُهُ سَمَحْ
كَوْثَرُ الْمُصْطَفَى جَنَّةٌ مُوَشَّحْ
وَلِسَانُ الْهُدَى بِالْكَلَامِ فَصَحْ
نَبَعَتْ يَدُهُ فَسَقَى بِالقَدَحْ
مِنْ أَنَامِلِهِ ثَارَ مَاءٌ سَجَحْ
مِنْبَرُ النَّخْلَةِ سَاجِدًا فَدَمَحْ
انْشَقَّ الْقَمَرُ وَالْمَاءُ قَدْ نَضَحْ
سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا قَدْ فَرِحْ
مَا طَغَى بِالَّذِي قَدْ رَأَى أَوْ سَرَحْ
فَعَلِيُّ نَجَا وَقَتَادَةُ صَحْ
يَدُهُ لِلضَّرِيـرِ شَــفَــتْ فَـلَـمَـحْ
فَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ سَمَا وَسَبَحْ
فِي سَمَاءِ الْعُلَى قَدْ عَلَا وَفلح
دُرَّةُ الْمُصْطَفَى نَيْلُهَا كَالْمَنَحْ
يَا سَمِيعَ الدُّعَا لِمُنَاجٍ كَدَحْ
وَاكْفِنِي بِالشَّفِي عِ الَّذِي قَدْ نصح
يَا بَصِيرًا يرَى نُورَهُ مَا بَرِحْ
فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ
شعر:محمد الأمين ولد أمبارك



