
.في ليلةٍ خانقةٍ من ليالي الصيف، حين صمتت المراوح وانطفأت الأضواء، غفا رجلٌ بسيط على وسادته المبللة بالعرق، فرأى ما لم تره عينٌ من قبل.
رأى الرئيس، يقف أمام الشعب وقد امتلأت عيناه بندمٍ طويل. قال بصوتٍ يشبه اعترافاً متأخراً:
> "أطلقتُ سراح الكلمة قبل أصحابها، وسأفتح أبواب السجون لإطلاق سراح كل من حلم بوطنٍ عادل بما فيه سجناء العشرية وعلى رأسهم صديقي محمد ول عبد العزيز .
وسأغادر كما جئتُ، بلا حرّاسٍ ولا هتاف، بعد أن يختار الناسُ من يقودهم… بحريةٍ كاملة.
لأنني توصلت الي حقيقة مفادها ان هذا وحده هو الحل الفعلي لجميع مشاكل هذا الوطن وخصوصا الفساد واكل المال العام، فالوطن لا يُبنى بالخوف، بل بالصدق والاختلاف."
هتفت الحشود، وارتجّت الساحات بالفرح، وابتسم الرجل النائم حتى دمعت عيناه. شعر أن الحرّ قد خفّ، وأن الناموس لم يعد يلدغ، وأن الكهرباء عادت تنير كل بيتٍ في البلاد.
لكنّ الحلم، ككل الأحلام الجميلة، لم يُطل عمره…
استيقظ الرجل على لسعةٍ في عنقه، وحرارةٍ تخنق الليل، وسقفٍ صامتٍ لا يسمع الدعاء.
جلس في عتمته، وقال بصوتٍ خافتٍ كأنه يخشى أن يسمعه أحد:
"اللهم اجعل هذا الحلم واقعاً… يوماً ما."
آمنوا جميعاً بالحلم لكنْ سرّاً.



