
يشهد المشهد السياسي في البلاد تصعيداً خطيراً يؤكد حقيقة واحدة: وهي استمرار أزلام النظام السابق في لبوسهم الجديد. ويبدو أن أقطاب الفساد القدامى لا يزالون يعششون ويسيطرون حالياً في القصر الرمادي، التي فقدت قياداتها القادرة على الإدارة الحكيمة. فلعنة القصر الرمادي هي أنَّ بارونات فساده القديم يحيطون به مجدداً والسجين هو الخلفية! لأن رئيس الوزراء الحالي يستنسخ بتواطؤ مهنته للنظام المتهم بالفساد، هذه هي الحقيقة المرّة التي يلوح في الأفق سؤالها القوي: فهل بات يُدار المشهد السياسي من خلف أسوار السجن؟ ويُحتمل أن يكون الرئيس الحالي بريئاً من هذه المخططات، كونه آلة أو ضعيفاً، لعدم تفطنه لما يُحاك خلفه من حنكة سياسية، مما يجعل مقاليد الحكم الحكيم في مهب الريح، وذلك لأنه حليم.
إن زعيم المافيا، الرئيس المتهم بالفساد محمد ولد عبد العزيز، الذي يوجد داخل زنزانته، هو من يدير فعلياً هذه اللعبة من خلف القضبان. ونظراً لأنه لا تزال لديه فيما يبدو صلة بالحكم الذي تركه خراباً يَبَاباً بعدما دخل السجن بجميع ما نهبه من خيرات الوطن، لجأ إلى تسريب تلك المشاكل عبر صوتيات ووثائق لتزعزع استقرار لنظام يثق خاطئًا برئيس وزرائه الحالي.
الدليل الصارخ هو أن زعيم الحكومة الحالي كان هو نفسه الرئيس السابق لشركة سنيم، حيث شغل منصب وزير الاقتصاد والمالية في فترة الرئيس المتهم بالفساد، وكان صديقاً مقرباً له. لقد عُيّن لإدارة سنيم وهي خاوية على عروشها كنوع من التسوية لإجباره على إعادة الأموال التي نهبها في حقيبة "المالية"، كونه لا يوجد دليل قضائي يحكم عليه بالإدانة. ولكن، رغم تعيينه على رأس الحكومة لإجراء الإصلاحات ومعرفته المفسدين، فوجوده في منصبه هو الخلفية الأساسية لاستمرار نفوذ زعيم المافيا المسجون حالياً، مما يؤكد أن الإصلاح لن يرى النور.
إن وجود زعيم المافيا في هذا الموقع الحساس، هو محاولة واضحة لاستنساخ آليات النظام المتهم بالفساد الذي حُكم على رمزه بـ 15 عاماً، وهو دليل قاطع على أن التطهير من الفساد لم يكن سوى ستار يعيد تدوير الفاسدين ليستنسخوا نفس المهنة القديمة. فما أشبه الليلة بالبارحة. وإنما العاجز من لا يستبد أو يحدث تغييرًا.
بقلم/ يحياوي محمد الأمين ولد يحيى



