
بيروت: يشيّع حزب الله اليوم الاثنين قائده العسكري هيثم الطباطبائي وأربعة من عناصره، غداة مقتلهم بضربات اسرائيلية استهدفت معقله في ضاحية بيروت الجنوبية، في تصعيد يفاقم الضغوط على السلطات اللبنانية المطالبة بتسريع عملية تجريد الحزب من سلاحه.
والطباطبائي، هو أعلى قيادي في حزب الله يُقتل بنيران اسرائيلية، منذ سريان وقف إطلاق النار الذي أنهى في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر حربا بين الجانبين استمرت لعام، وخرج منها الحزب منهكا بعدما دمّرت إسرائيل جزءا كبيرا من ترسانته وقتلت عددا كبيرا من قيادييه.
ودعا حزب الله مناصريه إلى المشاركة بكثافة في تشييع الطباطبائي، “القائد الجهادي الكبير” بدءا من الثانية بعد الظهر (12,00 ت غ) في ضاحية بيروت الجنوبية، في مراسم يتخللها مسيرة شعبية يُتوقع أن تكون حاشدة.
وبحسب سيرة وزّعها حزب الله، تولى الطباطبائي، الذي تسلم مهمات في سوريا واليمن، “القيادة العسكرية في المقاومة الإسلامية” بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، والتي خسر خلالها الحزب أمينه العام السابق حسن نصرالله وأبرز قادته العسكريين.
وجاء التصعيد في وقت تكرر إسرائيل التي تواصل شنّ ضربات خصوصا في جنوب لبنان، أنها لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قدراته العسكرية، وعلى وقع ضغوط أمريكية متزايدة على الجيش اللبناني من أجل تسريع عملية تجريد الحزب من سلاحه، بموجب وقف إطلاق النار.
ونصّ الاتفاق، بوساطة أمريكية، على وقف العمليات العسكرية وانسحاب حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من الحدود، وتفكيك بنيته العسكرية وأسلحته.
وقرّرت الحكومة اللبنانية في الخامس من آب/أغسطس، نزع سلاح حزب الله. وشرع الجيش بدءا من أيلول/سبتمبر في تفكيك بنى الحزب العسكرية وفق خطة وضعها، فيما رفض حزب الله تسليم سلاحه واصفا قرار الحكومة بأنه “خطيئة”.
“الصفعة الأقوى”
وجاء استهداف الطباطبائي بعد تأكيد إسرائيل مرارا بأنها لن تسمح لحزب الله “بإعادة بناء قوته”، وبأن يشكل مجددا “تهديدا” لها، وهو ما كرره رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو الأحد.
ويوضح مصدر قريب من حزب الله، من دون الكشف عن هويته، أن داخل الحزب “رأيين حاليا، بين من يفضّل الرد على اغتياله ومن يريد الامتناع عنه، إلا أن قيادة الحزب تميل الى اعتماد أقصى أشكال الدبلوماسية في المرحلة الراهنة”، وهو ما عكسه بيان النعي الذي أصدره الحزب الأحد.
ولا تبدو خيارات الحزب عديدة، بعدما أضعفته الحرب الأخيرة مع إسرائيل عسكريا ولوجستيا، وخسر طرق إمداده من سوريا بعد إطاحة الحكم السابق قبل عام، وفقد غطاء سياسيا لسلاحه في الداخل بعد مضي السلطات بتجريده منه، عدا عن ضغوط واشنطن لتجفيف مصادر تمويله من داعمته الرئيسية طهران، التي نددت خارجيتها بالاغتيال “الجبان”.
ويقول الباحث في مركز “أتلانتيك كاونسل” نيكولاس بلانفورد، إن “خيارات حزب الله محدودة للغاية. تطالبه قاعدته الشعبية بالثأر، لكنه إذا ردّ مباشرة، حتى لو اقتصر ذلك على الوجود العسكري الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية”، فهو يدرك أن “إسرائيل سترد بقوة ولن يكون أحد في لبنان ممتنا له على ذلك”.
وشكّل اغتيال الطباطبائي “الصفعة الأقوى لحزب الله منذ وقف إطلاق النار”، وفق بلانفورد “بالنظر إلى موقعه القيادي، ولكونه يظهر أن الإسرائيليين ما زالوا قادرين على تحديد مواقع كبار القادة واستهدافهم، بغض النظر عن أي إجراءات حماية يتخذها حزب الله” منذ انتهاء الحرب.
ورغم تأكيد الجيش اللبناني مضيه وفق الخطة في نزع سلاح حزب الله من المنطقة الحدودية، في إطار المرحلة الأولى من خطته والتي يتعيّن أن تنتهي نهاية العام الحالي، إلا أن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين يتهمون السلطات اللبنانية بـ”المماطلة” في نزع سلاح الحزب.
وقال مصدر عسكري الأسبوع الماضي إن مطلب تل أبيب وواشنطن بتجريد الحزب من سلاحه قبل نهاية العام “أمر مستحيل”، وسط نقص في العتيد والعتاد وخشية من مواجهات مع المجتمعات المحلية الحاضنة لحزب الله.
وفي معرض إدانته للغارة الإسرائيلية الأحد، شدد رئيس الحكومة نواف سلام على أنّ “الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار” يمرّ عبر “بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية، وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمهامه”
(أ ف ب



