تقرير سري حول “البيئة” فى اتفاق الغاز مع “بي بي” : تعويض للسنغال .. وتلويث فى موريتانيا!

سبت, 05/07/2025 - 18:48

كشف مصدر مطلع لموقع “أنباء انفو” معلومات  غاية فى الخطورة، تبرز التباين فى المكاسب التى حصلت عليها كل من موريتانيا والسنغال من مشروع الغاز المشترك بين البلدين.

تباين صارخ  يطفو على السطح  يبرز حصيلة كل طرف من اتفاقه مع شركة “بي بي” البريطانية، خاصة في ما يتعلق بالالتزامات البيئية والتنموية المحلية.

فقد نجح الجانب السنغالي في انتزاع مكاسب ملموسة تعود بالنفع المباشر على السكان المتأثرين بمشروع “آحميم الكبير”، في حين بدا الجانب الموريتاني أقل حظًا، وربما أقل حضورًا، في هذا المسار.

شركة “بي بي”، مثل غيرها من شركات الطاقة الكبرى، ليست منظمة خيرية، بل مؤسسة متعددة الجنسيات تدير مصالحها بحسابات معقدة. لكنها أيضًا، ومن واقع تجاربها العالمية، تستجيب حين تواجه ضغطًا مدنيًا وسياسيًا مدروسًا ومدعومًا بأدوات قانونية ومؤسسية.

حصل في السنغال، ان وجدت شركة بي بي،  نفسها أمام دولة تدير الملف بقدر كبير من الاستثمار السياسي والتقني، مجتمع مدني حاضر، وإعلام نشط يتابع التفاصيل بدقة ولا يتردد في إثارة الأسئلة الصعبة.

هكذا، لم يكن غريبًا أن تلتزم “بي بي” هناك بدعم برامج بيئية لصالح البلديات المتأثرة، وأن تُلزَم بتقديم مشاريع تنموية موازية لعملياتها الاستخراجية.

أما في موريتانيا، فقد جرت المفاوضات في أجواء يغلب عليها الطابع المركزي، بعيدًا عن البلديات والفاعلين المحليين، ووسط صمت شبه تام من المجتمع المدني، وغياب شبه كلي للضغط الإعلامي الجاد.

لم تُطرح الأسئلة الكبرى حول الأثر البيئي للمنصات، ولم يظهر إلى العلن أي نقاش وطني حول ما إذا كانت الشركة قد التزمت بإعادة تأهيل الساحل أو دعم المجتمعات الساحلية التي قد تتأثر سلبًا من المشروع.

الأخطر من ذلك أن بعض الاتفاقات المبرمة لا تزال طي الكتمان، ولم تُكشف تفاصيلها للرأي العام، في تناقض واضح مع مبادئ الشفافية المفترضة في إدارة الثروات السيادية.

المثير للسخرية أن بعض المناطق الموريتانية المتأثرة بالمشروع لم تُمنح حتى فرصة الاستماع أو التشاور، رغم أن مستقبلها البيئي والاقتصادي سيكون مرتبطًا لعقود بما يجري في المياه العميقة المقابلة لسواحلها.

ولا يمكن اعتبار الأمر محض صدفة أو خطأ تقني، بل هو نتيجة مباشرة لاختلال توازن القوى في التفاوض، وغياب ثقافة المطالبة في بيئة سياسية لم تطور بعد أدوات فعالة لرقابة الدولة ومساءلتها.

إن الفارق بين موريتانيا والسنغال في هذا الملف لا يُقاس فقط بالأرقام، بل بالمنهج.

فحين تتفاوض الدول بروح السيادة الحقيقية، لا تكتفي بالسعي وراء النسبة الأعلى من العائدات، بل تضع على الطاولة أسئلة الناس البسطاء: من سيحمي البيئة؟ من سيعوّض البلديات؟ من سيضمن أن لا يتحول مشروع الغاز إلى لعنة بدل نعمة؟ السنغاليون طرحوا هذه الأسئلة وحصلوا على أجوبة، الموريتانيون لم يطرحوا شيئًا، فحصلوا على لا شيء.

 

Share this: