"صندوق كورنا": اختلالات عديدة وإنفاق خارج البنود..حسب تقرير محكمة الحسابات

خميس, 09/10/2025 - 14:40

كشف تقريرُ محكمة الحسابات الصادر أمس الأربعاء، والذي يغطي الفترة 2022 – 2023 عن اختلالات عديدة في تسيير "الصندوق الخاص للتضامن الاجتماعي ومكافحة  فيروس كورونا"، والذي تم إنشاؤه بموجب المرسوم رقم: 051 – 2020 الصادر بتاريخ: 06 – 04 – 2020.

وأكد التقرير أن مجموع المداخيل التراكمية للصندوق 105.861.600.560 أوقية قديمة عند إبريل 2022، وذلك وفق معطيات التقارير الدورية التي تُصدرها وزارة المالية عن حالة تنفيذ الصندوق.

ويتوزع هذا المبلغ إلى 20 مليارا هي مساهمة الدولة، و19 مليارا هي مساهمة المساهمين الخارجين، و21 مليارا مساهمة من المؤسسات والخواص، و44 مليارا مساهمات عينية.

إنفاق خارج البنود

رصد التقرير الرسمي قيام وزارة الصحة بدفع تحويلات مالية بلغت 100 مليون أوقية قديمة من صندوق كورونا لصالح بعض المستشفيات بهدف دعم وحدات التلقيح، فيما قالت المحكمة إن بعثاتها "لم تتوصل بما يبرر تمويل هذه الأنشطة من موارد صندوق كورونا".

ورأت المحكمة أن المسير برر تحويل هذه المبالغ بالاعتماد على مقرر من وزير المالية الذي هو رئيس لجنة تسيير صندوق كورونا، منبهة إلى أن مقرر وزير المالية الذي أحال إليه المسير مع رده يحدد الأغراض التي وجّه إليها مبلغ 967.473.870 أوقية قديمة، وهي دعم لجان التكفل بكوفيد 19 في المستشفيات، ودعم تسيير مستشفى محمد بن زايد، ومحروقات سيارات الإسعاف الخاصة بنقل مرضى كوفيد في مستشفى محمد بن زايد.

وأكدت المحكمة أن هذه البنود محددة في الميزانية، مردفة أنه يتضح من ذلك أن هذا التحويل ليس موجها لدعم وحدات التلقيح، وأن النصوص التي تحكم تسيير صندوق كوفيد توضح أن كل مكونة من مكوناته تدخله مبوبة في بنود الميزانية العامة للدولة والتصرف فيها لا يتم إلا ضمن تلك البنود المقررة.

منافسة وهمية

محكمة الحسابات أكدت وجود مؤشرات على منافسة وهمية في صفقات صندوق كورونا، كما لاحظت تحايلا على سقف إبرام الصفقات العمومية، مقدمة أمثلة من بينها صفقة اقتناء جهاز الفحص المتسلسل لكوفيد 19، والتي تم منحها لشركة "Ets SEL"، بمبلغ 149 مليون أوقية قديمة، رغم عدم مطابقة العروض الفنية بسبب غياب رسالة المشاركة وإذن المصنع، كما أن الشركات المنافسة قدّمت عرضا ماليا يتجاوز سقف لجنة المشتريات تحت العتبة.

 

 

 

وأضافت المحكمة أن من أمثلة التحايل في صفقات الصندوق صفقتي تعبئة عبوات الأكسجين، والتي منحتا لشركة "Ets TABA"، وكانت إحداهما مبلغ 21 مليون أوقية قديمة، والثانية بمبلغ 92 مليون أوقية قديمة، وتم منح الأولى رغم عدم مطابقة العرض الفني بسبب غياب إفادات الخبرة السابقة مع العلم أن هذه الشركات لديها إفادات الخبرة وقدمتها في عروض أخرى.

 

 

 

فيما تم منح الثانية بعد استدعاء نفس الشركات السابقة للمنافسة رغم أنها لم تقدم شهادات الخبرة في المناقصة السابقة.

 

 

 

وخلُصت المحكمة في تقريرها إلى القول إنه "يتضح من تحليل أسباب إقصاء المنافسين في الصفقات أعلاه أن هذه الأسباب تبدو قصدية"، وذلك من خلال" تقديم عروض مالية تتجاوز سقف صلاحيات لجنة المشتريات دون عتبة الصفقات العمومية مثل عروض صفقة اقتناء جهاز الفحص المتسلسل كوفيد والبالغة 19.965.609 و 15.600.000 أوقية، مع العلم أن سقف صلاحيات اللجنة إذ ذاك هو 15.000.000 أوقية.

 

 

 

كما لاحظت المحكمة عدم تقديم بعض الوثائق المشترطة في قبول العروض مثل إفادات الخبرة السابقة، كما هو حال الشركات المتنافسة (Techno Service وInter) التي لم تقدم إفادات خبرة في صفقة تعبئة قنينات الأكسجين في حين أن لديها هذه الشهادات وقدمتها في عروض أخرى وتم قبولها.

 

 

 

ونقلت المحكمة عن مسير الصندوق قوله إن مسؤولية النواقص المتعلقة بالوثائق المطلوبة في العروض تقع على الموردين المشاركين في المناقصات سواء تعلق الأمر بنقص وثائق مطلوبة أو زيادة قيمة العرض عن سقف صلاحيات لجنة إبرام الصفقة، معتبرا أن ما يهم لجنة إبرام الصفقات تحت العتبة هو أن عمليات الإبرام تمت وفق دليل إجراءاتها من حيث الاستدراج وتقويم العروض.

 

 

 

وأكد المحكمة وجود اختلالات في تسلم الطلبية العمومية وإثبات حقيقة الخدمة المؤداة، وقدّمت أمثلة لذلك من بينها صفقتا تعبئة قنينات الأكسجين الممنوحتان لشركة " Ets TABA"، مؤكدة أنه تم تنفيذ الصفقتين من طرف شركة غير متخصصة، ومسجلة في مجال التجارة العامة والمعدات المكتبية، وتم التسديد بناء على إفادة تسليم بدلا من محضر لجنة استلام، خلافا لما ينص عليه العقد النموذجي المحدد في الدليل الإجرائي للنفقات الأقل من عتبة إبرام الصفقات العمومية.

 

 

 

ونبهت المحكمة في تقريرها إلى أن منح الصفقة لشركة غير مختصة في المجال قد يترتب عليه عدم تمتع الجهة المتعاقدة مع الإدارة بالكفاءات الفنية المطلوبة في مخالفة للفقرة "ب" من المادة: 23 من القانون رقم: 044 – 2010 المتضمن مدونة الصفقات العمومية.

 

 

 

كما لاحظت المحكمة أن العقد لم يحدد لجنة للتسلم خلافا لما ينص عليه نموذج عقود التوريدات الوارد في الدليل الإجرائي للنفقات الأقل من العتبة.

 

 

 

المحكمة نقلت عن المسير قوله إنه لا عبرة بتسمية الشركة المورِّدة ما دامت استظهرت في عرضها بإفادات خدمات مماثلة أرفق نسخا منها مع الرد، معتبرا أنه بخصوص التسليم على أساس إفادة الخدمة بدل محضر لجنة استلام المنصوص في دليل الإجراءات، فإن ذلك تم طبقا للمادة: 2 من العقد واستجابة لضرورة تسريع الحصول على الأكسجين الذي لا يمكن انقطاع توفير عبواته عن المستشفى.

 

 

 

اختلالات في تسيير المخزون...

 

بعثة محكمة الحسابات لاحظت اختلالات في تسيير مخزون الموارد العينية للصندوق، والتي بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 44 مليار أوقية قديمة، أي ما يمثّل 42% من مداخيل الصندوق الإجمالية حسب تقرير اللجنة الوزارية المكلفة بالصندوق المنشور في إبريل 2022

 

 

 

وكانت أولى ملاحظات البعثة هي غياب جهة إشراف لضبط ومركزة عمليات استلام المداخيل العينية للصندوق، حيث تأكدت أن وثائق استلام الهبات العينية المقدمة في إطار الصندوق موقعة في الغالب من طرف مسؤول المخزن وحده، وتشكّل وثيقة الاستلام الموقعة من طرفه وسيلة التوثيق الوحيدة لهذه الهبات.

 

 

 

وذكرت المحكمة بأن المذكرة رقم: 009 بتاريخ: 11 يناير 2021 الصادرة عن الأمينة العامة السابقة لوزارة الصحة شكلت لجنة مكلفة باستلام وتوجيه وتخزين المواد والتجهيزات المستلمة في إطار مكافحة جائحة كورونا، وأسندت رئاسة اللجنة إلى المدير العام لمديرية البنى التحتية واللوازم والصيانة بوزارة الصحة، وبعضوية ثلاثة ممثلين من نفس الإدارة وممثلين اثنين عن المديرية، وممثل عن المديرية العامة DGORQSS العامة للتنظيم والهيكلة وجودة العلاجات والخدمات للصحة وآخر عن المديرية الإدارية والمالية.

 

 

 

وأكدت المحكمة أنه وفقا لمقتضيات دليل إجراءات الصندوق الصادر في يناير 2021 الفقرة 3.1.2 فإن هذه اللجنة ملزمةٌ بإصدار محضر موقّع عند كل عملية استلام للهبات وإحالة نسخة منه فورا من طرف رئيس اللجنة إلى كل من الفريق المكلف بتخزين المواد المستلمة والفريق المكلف بمديرية نظام المعلومات.

 

 

 

وقالت المحكمة إن تحريات بعثتها في الصندوق أظهرت أن هذه اللجنة لم تمارس مهامها من الناحية العملية، حيث لا يوجد محضر استلام صادر عن هذه اللجنة في وثائق مسؤول المخزن التي اطلعت عليها البعثة ولا عند مسؤول قاعدة البيانات (أمانتي).

 

 

 

وأردفت أنه ينتج عن هذا الوضع غياب جهة إشراف تضبط وتمركز عمليات استلام المداخيل العينية للصندوق، مما يؤدي إلى عدم اليقين بأن جميع المداخيل العينية من الهبات الخارجية دخلت المخزن فعلا، كما يبعث على الشك في شمولية تسجيل تلك المداخيل في قاعدة البيانات (أمانتي) وذلك نظرا لغياب مصدر آخر خارج عن الجهتين المباشرتين للتسيير (المخزن وقاعدة البيانات) يعتمد عليه كأساس للمقارنة.

 

 

 

شكوك في صدقية المخزون.. 

 

ورأت المحكمة أن واقع المخزون يؤكد وجود شكوك في صدقية المتوفر، وفي موثوقية معطيات قاعدة البيانات، مشددة على أن ذلك يستدعي القيام بعملية تدقيق شاملة للموارد العينية للصندوق تبدأ من البداية نظرا لغياب نقطة بداية موثوقة بعد ذلك.

 

 

 

وأضافت أنه ينتج من هذا الوضع غياب المساءلة على مستوى المخزن، وعدم موثوقية معطيات نظام المعلومات، مردفة أنه لوحظ أن التقارير الدورية التي تُصدرها اللجنة الوزارية المكلفة بالصندوق وتنشرها لجنة المتابعة، تكتفي بعرض مداخيل الموارد العينية للصندوق (هبات، مشتريات) ولا تتضمن أي شيء عن استخدام تلك الموارد، في حين تُسهب في تفاصيل استخدام الموارد النقدية.

 

 

 

ووصفت المحكمة هذا التصرف من اللجنة الوزارية بأنه "يشكّل تقصيرا كبيرا في الجانب الأهم من المتابعة وهو متابعة الاستخدام وتحديد وجهة هذه المداخيل الكبيرة".

 

 

 

وأكدت المحكمة أن بعثتها لاحظت غياب متابعة فعالة لتسيير المخزون، ووجود نواقص على مستوى تسيير المخزن، إضافة لاختلالات تتعلق بمسك محاسبة الصندوق.

 

 

 

كما سجّلت البعثة اختلالات تتعلق بالتسجيل المحاسبي لعمليات غير مبوّبة في ميزانية الصندوق، مثّلت لها بعمليات تعويض التكفل بالمياه القروية المسجّلة في كشف حساب الصندوق، مؤكدة أنها تمت خارج بند الميزانية المخصص لتدخلات الصندوق (الباب: 94)، ناقلة عن مديرية الخزينة العامة المعنية بمسك الحساب قولها إن عمليات التعويض المذكورة أعلاه تمت مباشرة من مبالغ مسحوبة من عملية تصفية "وكالة النفاذ الشامل".

 

 

 

وأكدت المحكمة أن هذا يشكّل خرقا لمقتضيات المادة: 10 من المقرر رقم: 275 و.م بتاريخ: 24 – 10 – 2020 المحدد لطرق تسيير الصندوق، والتي تنص على أن "يتم تسجيل كل إجراء للصندوق في فصل فرعي مخصص له، وذلك بغض النظر عن الكيان

الذي ينفذ الإجراء لضمان شفافية أكبر وإمكانية تتبع أفضل".

 

 

 

وأكدت المحكمة أنها لاحظت تسجيلا محاسبيا متكررا، حيث سجّلت العديد من المبالغ في الجانب الدائن لحساب الصندوق سنة2021 كمخصصات لتعويض التكفل بالمياه القروية في الولايات الداخلية، وتم تسجيلها في الجانب المدين من طرف المحاسبة المركزية كما سجّلها المحاسبون الثانويون في الولايات أيضا في الجانب المدين أثناء تنفيذهم للمخصصات المحالة إليهم.

 

 

 

وأضافت المحكمة أن المبلغ الإجمالي لهذه العمليات المكررة وصل إلى 558.329.910 أوقية قديمة موزعة على 44 عملية.

 

 

 

كما لاحظت البعثة وفقا للتقرير وجود عمليات تسجيل في الجانب المدين لا يوجد لها مقابل في الجانب الدائن، وهي عدة عمليات تتعلق بتعويض التكفل بالمياه القروية مسجلة في الجانب المدين من الحساب لا يوجد مقابل لها في الجانب الدائن، وبلغت القيمة الإجمالية لهذه العمليات 53.270.480 أوقية قديمة، وتساءلت المحكمة عن المداخيل المقابلة لها.

 

 

 

ونقلت المحكمة عن مسير الصندوق قوله إن الوضعية العامة لهذا الصنف من النفقات المستخرجة من النظام المعلوماتي "بيت المال" تؤكد ظهور هذه المبالغ في الجانبين الدائن والمدين، فيما أكدت المحكمة أن كشف حساب الصندوق الذي استلمته من الخزينة العامة لم تظهر المبالغ المذكورة في الملاحظة في جانبه الدائن.

 

 

 

وأوصت المحكمة في نهاية ملاحظاتها على الصندوق باتخاذ الإجراءات اللازمة في المناقصات من أجل ضمان منافسة جدية ونزيهة تضمن ولوج أكبر قدر من المورّدين الذين تتوفر فيهم الشروط للطلب العمومي بغية الحصول على أفضل المواد والخدمات بأقل تكلفة ممكنة.

 

 

 

كما أوصت بتحري الدقة في تحديد الاحتياجات من التجهيزات من حيث المواصفات ومواقع الاستخدام، وذلك تفاديا لهدر الموارد في نفقات بدون مردود أو بمردود ضعيف، معتبرة أنه في هذا الإطار يكون من المناسب إشراك الإدارات والمؤسسات تحت الوصاية في تحديد احتياجاتها.

 

 

 

وأكدت المحكمة ضرورة وضع نظام رقابة داخلية صارم للمخزونات يشمل دليل إجراءات مفعل يغطي كافة المخاطر المحتملة، كما يشمل مسك قاعدة بيانات موثوقة ومحينة بشكل دائم إضافة إلى آلية للمتابعة الدورية المستمرة، والقيام بعملية تدقيق شاملة للموارد العينية للصندوق تبدأ من البداية نطرا لغياب نقطة بداية موثوقة بعد ذلك.

 

 

 

وطالبت بإدراج المداخيل العينية في حساب الصندوق لدى الخزينة العامة لكي يعكس الصورة الكاملة لوضعية موارد الصندوق، وذلك نظرا لأهمية المداخيل العينية ضمن موارد الصندوق، حيث تمثّل نسبة 42%.

 

 

 

وشددت المحكمة على ضرورة تصحيح الخطأ المحاسبي المتعلق بالتسجيل المتكرر لبعض نفقات التكفل بالمياه القروية في الجانب المدين من حساب الصندوق، لأنه يؤدي إلى عدم صدقية رصيد الحساب.